الأحد، 26 ديسمبر 2010

الزيدي يوقع "التحية الأخيرة" لبوش

وقع الصحفي العراقي منتظر الزيدي كتابه "التحية الأخيرة للرئيس بوش" في معرض بيروت الدولي للكتاب، ويناقش الكتاب الحادثة التي اشتهر بها الزيدي عام 2008 حين رمى الرئيس الأميركي جورج بوش بنعليْه أثناء انعقاد مؤتمر صحفي في العاصمة العراقية بغداد. 
وإذا كان رشق رئيس دولة عظمى بالحذاء للتعبير عن الإدانة والرفض أمرا  صارخا، فإن الكتاب أكثر وقعا وتأثيرا لأنه يجسد الأبعاد العاطفية والإنسانية والوطنية التي تبرر أسلوب الإدانة الذي اعتمده الزيدي، فاتحا به نافذة جديدة في طريقة المظلوم للتنديد بظالمه، مما لقي أصداء على مستوى عالمي.
وإذا كان "رشق" الزيدي "مخططا له منذ سنوات"، على ما قاله الزيدي نفسه للجزيرة نت، فإن الكتاب ثمرة المسيرة والمعاناة التي رافقت هذا الصحفي منذ أن تعرض العراق للحروب الأميركية ابتداء من مطلع التسعينيات، وهي التي دفعته إلى خرق التابوهات المحيطة بالرؤساء، وإسقاط هالاتهم بضربة حذاء.
جاء كتاب "التحية الأخيرة للرئيس بوش" في 221 صفحة تزين غلافه صورتان للحظة الرشق والحذاء يطير فوق رأس الرئيس وقربه رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، وتحت الصورتين عبارات تدخل القاري في عالم الزيدي الأدبي والفكري بنزعة وطنية وثورية متعالية على معايير الاحتلالات السائدة، والقيم التي تحاول فرضها على الشعوب.
وتقول العبارات "عندما كنت ملقى على الأرض، وكان الجلاد يسحق بقدمه رقبتي، ولأننا في الليل.. ولأننا في النصف السفلي من الكرة الأرضية، لم يع ذلك الجلاد المعتوه، أنه يقف على رأسه، وأني أسحق قدمه برقبتي".
ذاكرة ضد الخوف
وتضيف العبارات المصورة نسخا عن خط اليد "كان السجن مدخلا للكتاب، وليس للكتابة التي أحببتها ومارستها في عالمي الصحفي"، وتتابع "كنت أمارس الكتابة كعمل صحفي، وكشعر، وقطع صغيرة، وقصص قصيرة. إلا أن خوفي على ذاكرتي، ومخزونها وأنا في السجن، دفعني لأدونها، فكان الكتاب".
الزيدي يلمح إلى أنه تأثر بتجربة كبار الكتاب والأدباء العالميين القادمين إلى الرواية من عالم الصحافة، ويقول  "أحببت جدا أدباء أميركا اللاتينية العظماء، وقرأت كتاباتهم، وأكثرهم قربا من قلبي كتابات إيزابيلا الليندي، إضافة إلى ماريو فارغاس يوسا، وغابرييل ماركيز وسواهما".
ويضيف الزيدي في حديثه للجزيرة نت "لم أرغب في وضع كتاب توثيقي عن الحرب وأحداث العراق الجسام خشية أن يملها القارئ، لذلك اعتمدت أسلوب الرواية الأدبية التي أحب".
ويضيف "في جانب، كان السجن عاملا إيجابيا أتاح تنمية تجربتي الكتابية، وأغناها. بداية كانت الزنزانة قاتلة، قضيت فيها عزلة كبيرة، فهي لم تزد عن متر مربع ونصف، لكن بعد شهور نقلوني إلى غرفة أوسع تشاطرتها مع سجناء آخرين رحبوا بي، وقالوا إن أمثالك لا يخيفهم السجن. تعاطيت معهم، وارتحت لأنني أتحدث مع بشر، أضيف لذلك السماح للقاء بالأهل من فترة لفترة، فشعرت بارتياح وتوازن ساعداني على الانصراف للكتابة".
ويتابع "طلبت أوراقا وأقلاما، وكان السجان متجاوبا، فزودني بربطة أوراق وحزمة أقلام هي مداد الكتاب".
أوجاع العراق
يبدأ الكتاب بعرض استعدادات العراق لصد العدوان ابتداء من ١٨ آذار ٢٠٠٣، بأيام قليلة قبل بدء الهجوم الأميركي. ويتابع بتفصيل متسلسل تاريخيا الأحداث التي عاشتها وتعرضت لها البلاد، وصولا إلى حادثة الرشق الشهيرة، وتوقيفه، وما بعد ذلك.
يستخدم الزيدي أسلوبا أدبيا مشوقا، ولغة تنم عن احتراف كتابي وثقافي وفكري كبير، يستخدم فيها السرد الروائي معتمدا على الوقائعية الصحفية، ويمزج بين المعاناة العاطفية والوطنية في آن واحد.
ويصور الكاتب تأجج المشاعر بداخله متفاعلة مع تجربته الثقافية والكتابية، لتنفجر كتابا سلس السرد بلغة وأسلوب أدبيين رفيعين، فإذا اجتمعت هذه كلها مع تطورات الأحداث الحقيقية، لم يعد باستطاعة القارئ ترك الكتاب قبل إنهائه.
يشار إلى أن الطبعة الأولى للكتاب مؤرخة بـ٢٠١١، وتتألف من خمسة فصول بعد تمهيد هي: بغداد، نذر حرب، بغداد ١٤ ديسمبر ٢٠٠٨، إلى لواء بغداد، الحرب.. الحصار، وداعا للمنطقة "القذراء". وثمة ملحقات منها الوثائق، و"تمييز الحكم ضد منتظر الزيدي"، و"في أجواء الحرية".
وتضمن الكتاب أيضا مجموعة من الصور الملونة بتسلسل متواز مع تطورات الكتاب. منها صورة له بحذائه النادر قبل الرشق، وتغطياته لأحداث العراق، وبعض محطات الأحداث العسكرية والسياسية، ولحظة الرشق وتطورات ما بعدها: السجن والسجانون، حملات التضامن معه، وهو مع أهله وأصدقائه.
أما الغلاف الأخير، فيعلن فيه تكريس جزء من ريع الكتاب لمشروعات خيرية خدمة لضحايا الاحتلال الأميركي للعراق.

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

حكمة

"هؤلاء الذين فشلوا في تعلم دروس الماضي ملعونين بتكرار أخطائهم"
(جورج سانتيانا، فيلسوف أسباني 1863–1952)

يجوز الاستثناء في الإيمان

قال تقي الدين أبو البقاء :

" ويجوز الاستثناء فيه، - أي في الإيمان- بأن تقول: "أنا مؤمن إن شاء الله". نص على ذلك الإمام أحمد والإمام الشافعي رحمهما الله تعالى، وحكي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه .
وقال ابن عقيل: يستحب ولا يقطع لنفسه.
ومنع ذلك الإمام أبو حنيفة  وأصحابه والأكثر؛ لأن التصديق معلوم  لا يتردد فيه عند تحققه، ومن تردد في تحققه لم يكن مؤمنا. وإن لم يكن للشك والتردد فالأولى أن يقول: "أنا مؤمن حقا"، دفعا للإيهام.
واستدل للقول الأول بوجوه:
أحدها: أن الاستثناء للتبرك بذكر الله تعالى، والتأدب بإحالة الأمور إلى مشيئة الله تعالى، والتبري من تزكية النفس والإعجاب بحالها.
الثاني: أن التصديق الإيماني المنوط به النجاة: أمر قلبي خفي، له معارضات خفية كثيرة من الهوى والشيطان والخذلان. فالمرء - وإن كان جازما بحصوله- لكنه لا يأمن أن يشوبه شيء من منافيات النجاة، ولا سيما عند  تفاصيل الأوامر والنواهي الصعبة المخالفة للهوى والمستلذات من غير علم له بذلك. فلذلك يفوض حصوله إلى مشيئة الله تعالى.
الثالث: أن الإيمان ثابت في الحال قطعا من غير شك فيه، لكن الإيمان الذي  هو علم  الفوز وآية النجاة: إيمان الموافاة5.
فاعتنى السلف به وقرنوه بالمشيئة، ولم يقصدوا الشك في الإيمان الناجز . " اهـ
[شرح الكوكب المنير 1/151]

السبت، 18 ديسمبر 2010

منهج الإمام ابن عبد البر في كتاب: " الأجوبة المستوعبة عن المسائل المستغربة "


كتاب: " الأجوبة المستوعبة عن المسائل المستغربة ", للإمام أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمَري القرطبي -رحمه الله تعالى-
كتب بها إلى الفقيه أبي القاسم المهلب بن أبي صفرة جواباً لسؤاله
 وهي اثنان وعشرون حديثا ، وهي في الحقيقة عشرون فقط
لأن ابن عبد البر أهمل رقمين هما [ 11 ، 21 ] ، وهناك مسألة ساقطة وهي رقم [ 4 ] لأن اللوحة رقم [ 14 ] غير موجودة.
والكتاب من الدُّرَر، وهو يُصنَّف تحت (مشكِل الحديث) ولابن عبد البر عناية بالغةٌ بهذا الفنّ من حيث لفت النظر إلى الإشكال، ومحاولة دفعه.

اسم الكتاب:  يستدعي وقفة تأمل, وذلك أنه وقع فيه خلاف ,فقد ذكر باسم:
(1)- " الأجوبة المستوعبة عن الأسئلة المستغربة" كما جاء على غلاف المخطوط.
(2)- "الأجوبة عن الأسئلة المستغربة" وبه سماه مصنفه كما في مواضع من "التمهيد" و"الاستذكار", وتبعه على ذلك السهيلي كما في "الروض الأنف".
(3)- "الأجوبة الموعبة على الأسئلة المستغربة من صحيح البخاري", كما في "كشف الظنون" و"هدية العارفين".
(4)- "الأجوبة الموعبة" كذا ذكره الذهبي.
(5)- "الأجوبة الموعبة في الأسئلة المستغربة", وبهذا الاسم ذكره القاضي عياض.
وقد طبعه محققه عبد الخالق محمد ماضي تحت اسم: " الأجوبة عن الأسئلة المستغربة", اعتمادا على ذكر مصنفه له بهذا الاسم, ولو اكتفى بالعنوان الذي وجده على غلاف المخطوط لكان أولى؛ لأن ذكر الحافظ ابن عبد البر للكتاب باسم :"الأجوبة عن الأسئلة المستغربة", لا ينهض بما ذهب إليه .

تعليق الشيخ محمد الكوس على إشاعة موت الزنديق ياسر

القرضاوي يحذر من تغلغل الشيعة في الدول السنّية‎

صرح الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين بأنه يرفض محاولة الشيعة الدخول إلى أوساط المسلمين فى الدول السنية مثل مصر.
وقال: "مهما استطاعوا أن يكسبوا عشرات الأفراد سيواجهون عداء المجتمعات بأكملها، كما أن عليهم البعد عن الأشياء المستفزة التى تمس العقيدة".
وفى حواره ببرنامج "الحياة والناس" قال القرضاوي: "ما يحدث بين السنة والشيعة فى العراق ولبنان مصيبة وما زال المسلمون متحمسون للموت فى سبيل الله، لكن لا يجب أن يكون ذلك ضد بعضهم، وإنما على من سواهم".
وأضاف: "قوة التنظيم الشيعى تكمن فى حرية علمائه، على عكس علماء السنة الذين تحولوا إلى موظفين لدى الدولة، عليهم أن يساندوا سياستها وحزبها الحاكم ورئيسها الحالى".
وأدان القرضاوي قمع الحريات التى تعانى منها الدول الإسلامية، والتى تمنع قيام حزب ديني، بل تدفع بعلماء المسلمين الأقوياء إلى النفور لدول أخرى حتى لا يبقى فى الدولة سوى الضعفاء منهم الذين لا يستطيعون إعداد أجيال جديدة قادرة على رفعة شأن الإسلام وتوحيد قواه.

تداعيات الضعف الذي أصيب به الأزهر
وقال: "ضعف الأزهر أثر على ضعف أجيال علماء السنة، فهرب علماؤها الأقوياء إلى الخارج ولم يعد هناك مدرسون جديرون بإعداد جيل قوى قادر على مواجهة المد الشيعى الأكثر تنظيمًا وقدسية لعلمائهم، وتتحمل الدولة المريضة بفقد الحرية مسئولية ضعف الأزهر، التى حولته إلى خيال مآتة ليس له كيان منفصل، ولذلك فى أى مواجهة بين السنة والشيعة أو مع المسيحيين لا يستفيد السنة شيئًا".
وفيما يخص محاولاته التقريب بين السنة والشيعة، قال القرضاوي: "العالم الإسلامى الآن تحول إلى فرق كل يضرب فى الآخر، ولن نستطيع أن نصد محاولات التنصير الغربية إلا إذا اتفقنا على الجوانب المشتركة بيننا، وفتحنا الحوار حول خلافاتنا"، وفق تعبيره.
وأضاف أطالب الدكتور أحمد الطيب بعد توليه شياخة الأزهر بمسئولية النهوض بالأزهر، بالإصلاح والتجديد كمؤسسة إسلامية عالمية تخرج فيها أكثر من 40 ألف عالما فى مختلف أنحاء العالم، وفقًا لموقع"المسلم".
وأردف رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين: "لا أقصد أن نهدم القديم ونبنى الأزهر من جديد، وإنما نجدد فيه لنعد دينا يصلح ولا يفسد، ويصنع الإنسان السوى ويعيد للحياة معناها، ولن يحدث ذلك بدون تحديد الأهداف التى يصبو إليها الأزهر، الذى أنشأ فى الفترة الأخيرة العديد من المعاهد الدينية لكن دون برنامج واضح، فتخرجت أجيال ضحلة العلم كغيرها من الجامعات الأخرى، يعتمدون على المذكرات، ولا يستطيعون تكملة صفحات قليلة من الكتب التى نشأت منها ثقافتنا فى القدم".

رفض إقامة السلام مع الكيان الصهيوني
وشدد القرضاوي على رفضه إقامة سلام مع الكيان الصهيوني
معللاً ذلك بأنه سلام يخدم مصالح "إسرائيل" وأمنها على حساب أرواح المسلمين وتدنيس مقدساتهم
وأكد أن المسلمين لم يحصلوا إلا على "سراب" بعد معاهدات السلام التي أقاموها مع الصهاينة.
وتساءل الشيخ يوسف القرضاوي: "ما هو الشيء الذى حققه العرب والمسلمون بعد معاهدات السلام مع الصهاينة؟..
لم يحققوا الا أمن "إسرائيل" وفقدان المزيد من المقدسات الإسلامية والأراضي العربية".

سلطات تونس يزعجها صوت الأذان

انتصار الدم على السيف

المؤلف : أ . د . حلمي محمد القاعود
الناشر : مركز الإعلام العربي
عدد الصفحات : 136 صفحة . قطع متوسط .
يقول الناشر في مقدمة الكتاب :

يسجل الأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود مرحلة جديدة من الجهاد الفلسطيني ، اتسمت فيها المواجهة بالشراسة النازية اليهودية ، مع دعم صريح ومكشوف من جانب الصليبية الاستعمارية المعاصرة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، وصمت بعض الأنظمة العربية والإسلامية ، فقد اجتاح الغزاة اليهود المدن والقرى الفلسطينية – وما زالوا – فقتلوا وأسروا وهدموا ، واستخدموا الطائرات والدبابات والمدفعية والرصاص المحرم ضد المدنيين ، واقتلعوا أشجار  الزيتون المعمرة والحدائق المثمرة ، وصمت العالم الخارجي ، وعجز عن مجرد الإدانة اللفظية أو الكلامية بفعل الهيمنة الصليبية الاستعمارية في الأمم المتحدة " .
ويقول المؤلف إن الشعب الأسير واجه الغزاة اليهود – وما زال – بصلابة نادرة وإصرار تاريخي ، وواصل عملياته الاستشهادية الفريدة .. وجعل الغزاة – لأول مرة – يفكرون في الهجرة المعاكسة ، بل تعود أعداد منهم إلى أوطانهم التي جاءوا منها ، ويعمد قادة الغزاة أو كثير منهم إلى تهجير أبنائهم وأقاربهم مؤقتا إلى أوربا وأميركا ..
ويضيف المؤلف :
إن الذين تعبوا من القيادات الرسمية الفلسطينية فيما يسمى السلطة أو منظمة التحرير ، وتطوّعوا بتقديم تنازلات خطيرة ، تمس المقدسات الفلسطينية ، مثل : حق العودة والأرض والقدس ، وضعتهم الانتفاضة الفلسطينية في مأزق كبير ، لأنها أثبتت لهم أن المقاومة الاستشهادية تقلب الموازين وتقرب موعد النصر بإذن الله .
صفحات هذا الكتاب ؛ إسهام متواضع في تحرير وعي الأمة ، وكشف للمسكوت عنه في الصراع الذي تخوضه الأمة الإسلامية بقيادة الشعب الفلسطيني ضد أبشع غزو همجي عرفته البشرية في القرن العشرين وما بعده ، وهو ما ينبغي تقديمه ؛ ليس لهذا الجيل وحده ، ولكن للأجيال القادمة حتى يحسم الصراع لصالح الإنسانية ، فضلا عن الشعب الأسير ، والأمة الإسلامية الجريحة !
إن كلمات هذا الكتاب - بالإضافة إلى ما سبق – تحية متواضعة لشعبنا الأسير الصامد في فلسطين ، ورصد لبطولاته وجراحاته ، ودعاء إلى الله أن يوفق أهل القدس وأرض الإسراء في جهادهم لتحرير الوطن السليب ، والنهوض تحت راية خضراء ظافرة .
               

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

بموقعه الرسمي الشيخ محمد رمضان البوطي وللمرة الثانية يكفر الحلاج

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
بعد إن نقل لكم أسود السنة تكفير الشيخ الصوفي محمد سعيد رمضان البوطي للحلاج بالفيديو هنا :
http://www.soufia-h.net/showthread.php?p=44781
وجدت في موقعه الرسمي سؤال يصرح به خروج الحلاج عن دائرة الإسلام ..!!
وجه للشيخ الصوفي محمد رمضان البوطي السؤال التالي :
السؤال : (( قرأت في الآونة الأخيرة كتاباً بعنوان الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، واستشهد المؤلف بعبارات موجودة في كتاب اللمع، ومذاهب أهل التصوف، يشير إلى تلبس أمة الصوفية بفكرة وحدة الوجود، كالشبلي، والجنيد، والحلاج، كقول أحدهم عندما نبح كلب " لبيك سيدي وسعديك"، فما مدى صدق هذا الكلام؟ وإن كان الكلام المنسوب إليهم صحيحاً، فما هو السبب الذي دفعهم إلى التفوه بهذا الكلام الخطير، مع أن الصوفية تحذر أشد التحذير من أمراض القلوب كالكبر ومنها الغيبة وخطورة اللسان وآفاته
جواب البوطي : (( ما نقل عن الجنيد البغدادي والشبلي مما ذكرت كذب عليهما. وقد كان كل منهما مضرب المثل في التمسك بالكتاب والسنة والتحذير من أفكار وحدة الوجود. أما الحلاج فمعظم المؤرخين يخرجونه من حظيرة المسلمين الصادقين ويرمونه بالزندقة فضلاً عن اعتباره واحداً من المتصوفة )) أنتهت فتوى البوطي ..!!
لاحظوا أنه دافع عن الجنيد البغدادي والشبلي ولم يدافع عن الحلاج وأخرجه عن دائرة الإسلام ..!!
وهنا باليوتيوب تكفير البوطي للحلاج


فماذا ستكون ردة فعل المتصوفة ؟؟
وهل شيخهم البوطي تكفيري ؟؟
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..!!
الخميس 9 محرم 1432هـ ..!!
شبكة صوفية حضرموت

الإسلاميون والمستقبل .. رؤية في تخطي الحواجز

رغم أن صناعة التاريخ والأحداث في عالمنا العربي في العصر الحديث، كانت  بصفة أساسية، بيد الاستعمار الأوروبي ومعه مجموعات المنهزمين والمتعاونين معه  من بني جلدتنا،، إلا إن دور الحركات الإسلامية في قيادة الأمة لمواجهة مشاريع الغرب وأتباعه كان قويًا ومربكًا للقوم الذين مارسوا كل أنواع التنكيل ضد الحركة الإسلامية لمنعها من القيام بهذا الدور الوطني.
ولأن المشروع الإسلامي ظل يعمل في هذه الأجواء لعقود طويلة، فلم يكن هناك وقت كاف لدى الحركات الإسلامية لكي تتوقف لتراجع خططها وبرامجها وأفكارها وعلاقاتها بمجتمعاتها، لكننا نعتقد أن الوقت قد حان للقيام بهذا الدور النقدي المنتظر لفكر وسلوك الإسلاميين المصريين، رغبة في تصحيح الأخطاء من أجل جني الثمار التي طالما انتظرها الجميع.

ومن هنا تأتي أهمية كتاب "الإسلاميون والمستقبل .. رؤية في تخطي الحواجز"،  الذي صدر حديثًا عن مكتبة جزيرة الورد للكاتب الصحفي السيد أبو داود، أحد أبناء الحركة الإسلامية والذي يقدم في الكتاب خبرته في صفوف الحركة والتي بدأت منذ عام 1978، حيث يقوم في كتابه بمراجعة نقدية شاملة للفكر السياسي والأداء السياسي والثقافة العامة والفكر والعمل الاجتماعي والبرامج التربوية وكذلك الرسالة الإعلامية للحركات الإسلامية.
وتأتي أهمية الكتاب كونه يندرج في إطار النقد الذاتي، فالكاتب لا ينقد الحركة الإسلامية من منظور سياسي معادي أو علماني رافض أو من منظور الكراهية لأي سبب كان، وإنما هو يعلن اعتزازه بالحركة الإسلامية وما قدمته لأوطانها، لكنه يعتقد أن القول بقداسة الحركة وحصانتها ضد الأخطاء وأنفة قادتها وأعضائها من النقد، قد ساهم في ضعف الحركة وعدم تطويرها، لأنها تكوين بشري يخضع للخطأ والصواب، ولذلك فلا بد أن لديها أخطاء، والقول بحصانتها ضد الأخطاء كانت نتيجته استمرار هذه الأخطاء وعدم تصحيحها، ثم تتراكم الأخطاء ويكون الفشل وعدم الوصول إلى الأهداف المنشودة، ومنها صياغة مجتمعاتنا الصياغة الإسلامية التي نرجوها وعرقلة المشاريع التغريبية لمجتمعاتنا وإقامة نظم سياسية مفتوحة وعادلة مكان نظم الاستبداد والقمع الحالية.
جاء الكتاب في ثمانية أبواب وواحد وثلاثين فصلاً ومائتين وواحد وأربعين صفحة من القطع الكبير، واجتهد الكاتب في أن تكون مراجعته شاملة لكل جوانب الفكر والأداء لفصائل الحركة الإسلامية، وتعرض لعلاقة الفصائل ببعضها، ثم لعلاقة فصائل الحركة بمجتمعها وبنظام الحكم.
يناقش الكاتب في الباب الأول قضية "الحركة الإسلامية وتطوير الذات" من خلال محورين أساسيين هما: خوف الإسلاميين من النقد وخشيتهم من الخلافات الفكرية، ويرى أن ذلك أحدث نوعًا من الضحالة الثقافية وساعد على التقوقع على أفكار معينة والتعصب لها حتى وإن كانت غير صحيحة، وينادي الكاتب بضرورة انفتاح الحركة الإسلامية على مجمل الحركة الثقافية داخل المجتمع بل وعلى الثقافة العالمية كلها. والمحور الثاني هو ضرورة مراجعة الحركة الإسلامية لبرامجها المختلفة كل فترة وتعريضها للنقد والنقاش مع الآخرين، فالنقد هنا عامل بناء وليس معول هدم، والعمل الذي يصمد أمام النقد تتأكد قوته بينما العمل الذي يكشف النقد عن عيوبه وثغراته يجب تغييره وتصحيحه وعدم تثبيته والدفاع عنه.
وفي الباب الثاني يناقش الكاتب قضية هامة وهي رؤيته أن التنظيمات أثرت على العمل الإسلامي تأثيرًا سلبيًا وأوصلته إلى طريق مسدود من خلال طبيعتها المغلقة وأذرعها شبه العسكرية التي أدت إلى الوقوع في أعمال عنف أخافت المجتمع والحكومات، وقدم الكاتب براهينه على أن المضي قدمًا في طريق التنظيمات معناه المضي قدمًا في استفزاز الحكومات والصدام معها وإخافتها، خاصة وأن التنظيم بطبيعته السرية يخيف الأنظمة لأنها لا تدري ما يحدث بداخله وتعتبره مناوأة للدولة وتجمعًا يهدف إلى الإطاحة بها. ومن هنا فإنه يدعو إلى أن يحل التيار العام محل التنظيم، حتى وإن أصبح لهذا التيار بعض الخصوصية اللازمة لبقائه قويًا مؤثرًا شرط ألا يكون سريًا، لأن السرية هي أساس كل المشكلات. كما يناقش الكاتب في هذا الباب التجربة القطرية حينما حل الإخوان المسلمون هناك تنظيمهم بعد دراسات مستفيضة انتهت إلى عدم جدواه، فإذا كان الهدف هو خدمة الشريعة والعمل على تعميقها في المجتمع وتأكيد هويته الإسلامية والوقوف أمام حملات العلمنة والتغريب ومواجهة المؤامرات على الإسلام والمسلمين، فإن ذلك يمكن القيام به من خلال التعاون مع الآخرين ولا يشترط له التنظيم السري الذي يجلب لأعضائه المشكلات والهموم، ويعتبر الكاتب أن هذه التجربة القطرية تستحق الدراسة.
وفي الباب الثالث يبحث الكاتب قضية التحولات السياسية التي يجب على الحركة الإسلامية القيام بها، من خلال ضرورة أن تقود المجتمع لصناعة وعي سياسي وطني على أسس جديدة لمواجهة التزييف الذي تقوم به النظم العلمانية الاستبدادية القائمة، ومن خلال التأكيد على خطورة أن يحدث التغيير القادم على الأرضية غير الإسلامية، وهنا يحذر الكاتب الإسلاميين من أن تتم سرقتهم مرة أخرى، ففي كل مرة يقود الإسلاميون العمل الوطني والمقاومة ضد العدوان الخارجي تكون النتيجة أن العلمانيين الذي لم يفعلوا شيئًا يقفزون ليقطفوا الثمار ويأخذوا بزمام الأمور ويهمشوا أصحاب الفعل والإنجاز الحقيقي. ويبحث الكاتب في ضرورة أن تقود الحركة الإسلامية الشرعية السياسية الجديدة، بعدما تأكد أن النظم السياسية الحاكمة فقدت شرعيتها وخانت شعوبها بتفريطها في استقلال هذه الشعوب وبهزيمتها أمام المشروع الاحتلالي الصهيوني وبخرقها للعقد الاجتماعي عن طريق تصميمها على التزوير المستمر واللانهائي للانتخابات وتزييف إرادة الشعوب. ويدعو المؤلف إلى ضرورة أن تبذل الحركة الإسلامية جهودًا فكرية وسياسية لإقناع مجتمعاتها بأنها ليسًا عائقًا أمام الديمقراطية ولا رافضة لها بل إنها أول داعم لها لأنها ببساطة أول من يكتوي بنيران غيابها. كما يدعو المؤلف الحركة الإسلامية إلى أن تعتمد في فكرها الجديد على تفعيل دور الأمة وجعله أهم الأولويات، بعد أن همشتها النظم العسكرية والعلمانية الاستبدادية. ويؤكد الكاتب أن هناك قضايا كبرى تنتظر الحسم من الحركة الإسلامية ككل وأهمها القناعة الكاملة واليقين بأن الخروج على الدول والأنظمة لا يفيد، وأن تحسم موقفها من خوض الانتخابات كطريق للعمل السياسي، وقبل ذلك أن تحسم موقفها من الأحزاب، وأن تؤكد أن الديمقراطية آلية من آليات الشورى فلا تقف ضدها.
وفي الباب الرابع، يناقش الكاتب قضية الإصلاح الثقافي والفكري المأمول والمنتظر من الحركة الإسلامية، فيبين الخطوط العامة للإصلاح الثقافي المطلوب، ويؤكد على خطورة الجمود الفكري على الإسلاميين، ويعقد فصلاً مستقلاً يدعو فيه إلى تقديم الثقافة على السياسة. وفي فصل آخر يناقش المؤلف قضية إدراك الحركة الإسلامية للآخر الغربي والمرتكزات التي يجب أن تنطلق منها الرؤية في هذه القضية. ولأن الإصلاح الثقافي يحتاج إلى قادة ثقافيين يتمتعون بمعايير الجودة الثقافية والعمق العلمي والانفتاح الثقافي والهدوء وعدم التشنج .. فقد حدد المؤلف مواصفات القادة الثقافيين المنتظرين. وعاب المؤلف على بعض فصائل الحركة الإسلامية اختلاط الثوابت والمتغيرات وعدم التفريق بينهما .. ولذلك فقد تعمق في مناقشة هذه القضية الهامة. وناقش الكتاب أيضًا كيف تحقق الحركة الإسلامية في برنامجها الثقافي المنتظر أنماطًا للتفكير أكثر كفاءة عند أبنائها، ثم انتقل إلى قضية التعددية فأكد أن فكر التعددية الثقافي والسياسي غائب بصورة كبيرة عن ثقافة شباب الإسلاميين .. ودعا إلى ضرورة الوعي بهذه القضية المهمة. وفي نهاية هذا الباب توقف المؤلف أمام نظرية المؤامرة وآثارها السلبية على ثقافة الحركة .. ودعا إلى ضرورة التخلي عن هذه الثقافة السلبية التي تبرر الأخطاء وتعمل على تجذر الفشل.
وفي الباب الخامس، يناقش الكتاب أولوية تطوير الأداء الاجتماعي عند الإسلاميين، ويرى أن العمل الاجتماعي مستقبل جديد للإسلاميين .. يجذر وجودهم في المجتمع .. ودعا الحركة إلى التوسع في العمل الاجتماعي وابتكار آليات ووسائل جديدة فيه، وأكد أن على الإسلاميين التحرك في هذا الباب من منطلق خدمة المجتمع وليس اختراقه. ثم خصص فصلاً لعرض كيف تجذرت حركة "حماس" في المجتمع الفلسطيني عن طريق العمل الاجتماعي قبل أن يختارها الناس سياسيًا ويفضلونها على حركة "فتح".
وخصص المؤلف الباب السادس لنقد الفكر التربوي والبرامج التربوية داخل الحركة الإسلامية، ودعا إلى إعادة هيكلة هذا الفكر وهذه البرامج، وأكد على أن أولى الأولويات التربوية هنا هي آليات مواجهة التدهور الأخلاقي في المجتمع ودور الإسلاميين فيه، ثم ناقش أزمة الفكر التربوي داخل الحركة الإسلامية ضاربًا الأمثلة ومناقشًا النماذج ومستشهدًا بآراء خبراء التربية. كما أكد أن الخلل والنقص في العناصر القيادية واضح وله أسباب قام بتحديدها. ومن القضايا المهمة التي ناقشها المؤلف في هذا الباب أن ثمرة الخلل التربوي كانت أنماطًا وقوالب مكررة غير مبدعة وكلام محفوظ. ونبه المؤلف إلى مأزق التداخل بين الدعوي والسياسي .. وقال إن هذه القضية في حاجة إلى إدراك سليم داخل الحركة الإسلامية حتى لا تتسبب في تراكم الأخطاء.
أما الباب السابع، فقد قدم المؤلف فيه برنامجًا مفصلاً لتغيير الخطاب الإعلامي الإسلامي، باعتبار المؤلف كاتبًا صحفيًا وخبيرًا إعلاميًا. وتضمن الباب فصلين، حدد الفصل الأول ملامح الخطاب الإعلامي الذي نفتقده، بينما توسع الفصل الثاني في وضع أسس مهنية احترافية لإعلام إسلامي، يقبله الناس ويتابعونه ويتعلقون به.
وأخيرًا جاء الباب الثامن والأخير كنموذج تطبيقي على ثلاثة فصائل رئيسية للحركة الإسلامية وهم: الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وجماعة الإخوان المسلمون. وبتطبيق المعايير التي تحدث عنها المؤلف في أبواب الكتاب السابقة التي تنطلق من أهمية النقد الذاتي وممارسته ودوره في تصحيح مسار الحركة، أثنى المؤلف على الجماعة الإسلامية التي نقدت نفسها نقدًا شديدًا ولم تخف بل كانت جريئة إلى أبعد حد في هذا الجانب رغم ما تعرضت له من تحامل كل فصائل الحركة. وأكد المؤلف أن جماعة الجهاد قام نصفها بحركة نقدية من خلال جهود الشيخ سيد إمام الشريف بينما ما زال النصف الثاني على منهج الظواهري .. مؤيدين لفكر القاعدة رافضين النقد الذاتي والمراجعة. أما بخصوص جماعة الإخوان فقد انتقدها المؤلف لكونها ترفض المراجعة والنقد الذاتي انطلاقًا من أنه إذا كان الآخرون قد نقدوا أنفسهم وراجعوا فكرهم فإننا ليس لدينا أخطاء لكي نتراجع عنها أو ننقد أنفسنا فيها، واعتبر المؤلف أن التعالي على الاعتراف بالأخطاء ومحاولة تحصين النفس ضد النقد ثقافة سلبية ينبغي على الحركة الإسلامية أن تلفظها وهي تدخل الألفية الثالثة.
               

أضواء على الرواية الإسلامية المعاصرة

الناشر : سلسلة روافد – وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت .
عدد الصفحات :148 صفحة .


يشير الناشر في تصديره للكتاب وتعريفه بقيمته إلى أن  أمر رعاية الأدب صار في حكم القضايا التي لا يتم الواجب إلا بها ، استنادا إلى أن ما يتشربه المرء من معتقدات ومفاهيم وتصورات ، وما يقدم عليه من مواقف وجودية وحياتية ونفسية إنما هو انعكاس لما يستفيده من الفنون والآداب ، وبالتالي فإن تصحيح تلك المعتقدات والمفاهيم والتصورات ؛  مشروط بتصحيح وضع الأدب وصورته وموضوعاته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، كما هو مقرر عند علماء الأمة .  
واستمرارا في منهجية التحسيس بأهمية الأدب ودوره ، فإن إدارة الثقافة الإسلامية تقدم اليوم ؛ على نشر كتاب أضواء على الرواية الإسلامية " للدكتور حلمي محمد القاعود " ، وتجعله مناسبة لإبراز البعد القيمي الذي يحمله فن الرواية ، فهو ملتقى لتجاذب الآراء والمواقف، ومجال خصب للتدافع بين قيم الخير والشر ، وهو تجسيد حيّ لما يؤمن به الإنسان في واقعه النفسي والأسري والاجتماعي ....
ويضيف الناشر : ولعل هذا ما يفسر إقبال الناس ، من مختلف الحضارات والثقافات واللغات ؛ على الاهتمام بفن الرواية والإدمان على قراءتها ، وهو ما يفسر كثرة مبيعات الأعمال الروائية مقارنة بالعمال العلمية والفكرية .
ولا تقتصر أهمية كتاب أضواء على الرواية الإسلامية المعاصرة للدكتور حلمي محمد القاعود على أنه يلقي الأضواء على هذه الأهمية  ؛ بل إنه يمتد بصره النقدي والتحليلي إلى الكشف عن خصوصيات الرواية الإسلامية المعاصرة ، وذلك من خلال تحليل نماذج روائية لمبدعين اختاروا الكتابة وفق الرؤية الإسلامية المتوازنة .
وتابع الناشر القول : إن الدكتور حلمي محمد القاعود ؛ خبير بتاريخية الرواية الإسلامية وفنّيتها ، وهو أهل لأن يرسم خريطتها وتضاريسها وبيئاتها الزمنية والمكانية ، وله أعمال نقدية سابقة تبرز متابعته الدقيقة لما يصدر من أعمال روائية بالمشرق والمغرب على حد سواء .
يتناول الكتاب مجموعة من الروايات لعدد من الكتاب  العرب منهم عماد الدين خليل ، وعلى أبو المكارم ، وعبد الله صالح العريني ، ومؤمنة أبو صالح ، وحمزة محمد بو قري .
الكتاب إسهام في نقد الرواية الإسلامية ويحقق توازنا في الساحة النقدية ، حيث يطغي الاهتمام بالشعر الإسلامي دراسة وتحليلا ، وقلما يتم الالتفات إلى فن الرواية نظرا لما تحتاجه هذه الصنعة من إتقان للمناهج النقدية المعاصرة .
               

فن الاستماع

قصة حقيقية رواها " مالكوم فوربز
لا تحتقر أحدا
توقف القطار في إحدى المحطات في مدينة بوسطن الأمريكية وخرج منه زوجان يرتديان ملابس بسيطة. كانت الزوجة تتشح بثوب من القطن ، بينما يرتدي الزوج بزة متواضعة صنعها بيديه. وبخطوات خجلة ووئيدة توجه الزوجان مباشرة إلى مكتب رئيس " جامعة هارفارد " ولم يكونا قد حصلا على موعد مسبق.قالت مديرة مكتب رئيس الجامعة للزوجين القرويين : " الرئيس مشغول جدا " ولن يستطيع مقابلتكما قريبا... ولكن سرعان ما جاءها رد السيدة الريفية حيث قالت بثقة : " سوف ننتظره ". وظل الزوجان ينتظران لساعات طويلة أهملتهما خلالها السكرتيرة تماما على أمل أن يفقدا الأمل والحماس البادي على وجهيهما وينصرفا. ولكن هيهات ، فقد حضر الزوجان - فيما يبدو - لأمر هام جدا. ولكن مع انقضاء الوقت ، وإصرار الزوجين ، بدأ غضب السكرتيرة يتصاعد ، فقررت مقاطعة رئيسها ، ورجته أن يقابلهما لبضع دقائق لعلهما يرحلان.
هز الرئيس رأسه غاضبا" وبدت عليه علامات الاستياء ، فمن هم في مركزه لا يجدون وقتا لملاقاة ومقابلة إلا علية القوم ، فضلا عن أنه يكره الثياب القطنية الرثة وكل من هم في هيئة الفلاحين. لكنه وافق على رؤيتهما لبضع دقائق لكي يضطرا للرحيل.
عندما دخل الزوجان مكتب الرئيس ، قالت له السيدة أنه كان لهما ولد درس في " هارفارد " لمدة عام لكنه توفى في حادث ، وبما أنه كان سعيدا" خلال الفترة التي قضاها في هذه الجامعة العريقة ، فقد قررا تقديم تبرع للجامعة لتخليد اسم ابنهما.
 لم يتأثر الرئيس كثيرا لما قالته السيدة ، بل رد بخشونة : " سيدتي ، لا يمكننا أن نقيم مبنى ونخلد ذكرى كل من درس في " هارفارد " ثم توفى ، وإلا تحولت الجامعة إلى غابة من المباني والنصب التذكارية ".
وهنا ردت السيدة : نحن لا نرغب في وضع تمثال ، بل نريد أن نهب مبنى يحمل اسمه لجامعة " هارفارد ". لكن هذا الكلام لم يلق أي صدى لدى السيد الرئيس ، فرمق بعينين غاضبتين ذلك الثوب القطني والبذلة المتهالكة ورد بسخرية : " هل لديكما فكرة كم يكلف بناء مثل هذا المبنى ؟! لقد كلفتنا مباني الجامعة ما يربو على سبعة ونصف مليون دولار!"
ساد الصمت لبرهة ، ظن خلالها الرئيس أن بإمكانه الآن أن يتخلص من الزوجين ، وهنا استدارت السيدة وقالت لزوجها : " سيد ستانفورد : ما دامت هذه هي تكلفة إنشاء جامعة كاملة فلماذا لا ننشئ جامعة جديدة تحمل اسم ابننا؟" فهز الزوج رأسه موافقا.
غادر الزوجان " ليلند ستانفورد وجين ستانفورد " وسط ذهول وخيبة الرئيس ، وسافرا إلى كاليفورنيا حيث أسسا جامعة ستنافورد العريقة والتي ما زالت تحمل اسم عائلتهما وتخلد ذكرى ابنهما الذي لم يكن يساوي شيئا لرئيس جامعة " هارفارد " ، وقد حدث هذا عام 1884م.
حقا : من المهم دائما أن نسمع ، وإذا سمعنا أن نفهم ونصغي ، وسواء سمعنا أم لا ، فمن المهم أن لا نحكم على الناس من مظهرهم وملابسهم ولكنتهم وطريقة كلامهم، ومن المهم أن " لا نقرأ كتابا أبدا من عنوانه " حتى لو كان ثمنه عام 1884 سبعة ملايين دولار .
              

في ذكرى الهجرة

إن بقاء الدّعوة في أرض قاحلة يعوق مسارها ويشُلّ حركتها. وقد جرت سنّة الله في خلقه أن يُقبل بعض النّاس على دعوات رسله فتشرقَ نفوسُهم لهدايته، وأن يُعرض بعض الناس فينشأ الصّراع بين الحقّ والباطل. فإذا كانت الفئة المؤمنة من القلّة بحيث لا تملك إلا أن تظلّ مستضعفة في الأرض، فلن يكون أمامها إلا أن ترحل لتتمكّن من الانطلاق في أرض أخرى.
*دوافع هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته
 استخدم المشركون وسائل كثيرة ضدّ الدّعوة الإسلاميّة، دفعت الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته إلى الهجرة. منها:
- أولا:ً مواجهة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولدعوته وأتباعه بالسّخرية والاستهزاء.
- ثانياً: محاولات قريش صرف الناس عن الاستماع لرسول الله صلى الله عليه وسلم
- ثالثاً: استخدام وسائل البطش والتعذيب كافّة، ضدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته.
- رابعاً: مساومته صلى الله عليه وسلم بعرض الأمور الدنيويّة المُغْرِية عليه لاستمالته في الرّجوع عن هذا الدّين.
- خامساً: المقاطعة الظّالمة له ولبني هاشم، والتي استمرت ثلاث سنوات.
* الهجرة إلى المدينة المنورة
لو أنه صلى الله عليه وسلم نجح في دعوته بدون أي مشقّة أو جهد، لطمع أصحابه والمسلمون من بعده بأن يستريحوا كما استراح، ولاستثقلوا المصائب والمحن التي يجدونها في طريقهم إلى نشر الدعوة الإسلامية.
روى ابن ماجه في سننه عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعْرِض نفسه على النّاس في المواسم فيقول: "هل رجلٌ يحملني إلى قومه فإنّ قريشاً قد منعوني أن أبلّغ كلام ربّي".
وجاء موسم الحج في السنة الحادية عشر من النّبوّة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرض نفسه على قبائل العرب، كما كان يصنع في كل موسم، فبينما هو عند العقبة لقي رهطاً من الخزرج، فدعاهم إلى الله عزّ وجلّ، وعرض عليهم الإسلام، فأجابوه إلى ما دعاهم إليه.
ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدقوا.
فلما قدموا إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوهم إلى الإسلام فاستجابوا حتى فشا بينهم، فلم تبقَ دار من دور يثرب إلا وفيها ذِكرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد عام من مقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأولئك النّفر، وفي موسم الحجّ أيضاً خرج من المدينة اثنا عشر رجلاً من الذين أسلموا، وعزموا على الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وسلم ليوثقوا معه إسلامهم.
وقد لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعقبة، وعقد معهم بيعة على الإيمان بالله وحده، والاستمساك بفضائل الأعمال والبعد عن منكَرها، وهي البيعة التي عُرِفت ببيعة العقبة الأولى.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث معهم أحد الصحابة الكرام ليُعَلِّمَ من أسلم من أهل المدينة القرآن والفقه في الدين، ويدعو من لم يُسلِم إلى الإسلام. وكان هذا الصّحابي هو مصعب بن عمير t أول سفير في الإسلام.
كان مصعب متّسماً في دعوته بحسن أسلوبه، فنجح أيّما نجاح في نشر الإسلام. وعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبيل موسم الحج، يخبره بما لقي الإسلام من قَبولٍ حسن في يثرب.
4- بيعة العقبة الكبرى (أو الثّانية)
قال جابر بن عبد الله: "... فرحل إليه منّا سبعون رجلاً، فواعدناه شِعْب العقبة، فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعُك؟ قال: تبايعوني على السّمع والطاعة في النّشاط والكسل، والنّفقة في العُسر واليُسر، وعلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأن تقوموا في الله لا تخافون لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني –إذا قدِمت عليكم- مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنّة.
وأمَرَهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُخرجوا منهم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم بما فيهم، فأخرجوا منهم النّقباء، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس". حديث صحيح رواه الإمام أحمد.
تلكم بيعة العقبة الكبرى...
إنّ روح اليقين والفداء والاستبسال سادت هذا الجمع، وتمشت في كل كلمة قيلت، وبدا أن العواطف الفائرة ليست التي توجّه الحديث أو تملي العهود... كلا، فإن حساب المستقبل رُوْجع مع حساب اليوم، والمغارم المتوقعة نُظر إليها قبل المغانم الموهومة. لقد قام الأمر كله على التّجرّد المحض، والبذل الخالص.
لقد كان نجاح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء تموج بالكفر، أعظم كسْب حصل عليه منذ بدأت الدعوة إليه. فلم تكن الهجرة تخلصاً من الفتنة والاستهزاء فحسب، بل كانت تعاوناً عامّاً على إقامة مجتمع جديد في بلد آمن.
*هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
أوحى الله تعالى إلى رسوله بما دبّر له المشركون من كيد، وأذِن له بالهجرة إلى المدينة.
ونحن لا نعرف بشراً أحق بنصر الله، وأجدر بتأييده مثل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لاقى في جنب الله ما لاقى. ومع ذلك فإن استحقاق التأييد الأعلى لا يعني التّفريط في استجماع أسبابه وتوفير وسائله. فأحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة هجرته، وأعدّ لكل فرض عُدّته، فقد استبقى معه علياً وأبا بكر، وأذِن لسائر المؤمنين بتقدّمه إلى المدينة.
أما أبو بكر فقد اختاره ليكون صاحبه في الهجرة. وأما علي t فقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخلّف حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده، لما يعلم من صدقه وأمانته!.
وقد كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرار مسيره. فلم يُطْلِع عليها إلا من لهم صلة ماسّة بها، ولم يتوسع في إطلاعهم إلا بقدر العمل المنوط بهم.
واتفق مع أبي بكر على تفصيلات الخروج، وتخيّرا الغار الذي سيأويان إليه في بداية هجرتهما، تخيّراه جنوباً في اتجاه اليمن لتضليل المطارِدين، وواعدا فيه ابن أريقط بعد ثلاث ليالٍ بعد أن سلّماه راحلتيهما لعلفها وتجهيزها للسفر، وحددا الأفراد الذين سيتصلون بهما في أثناء اللجوء إليه، ومهمّة كل فرد منهم. فكانت مهمّة عبد الله بن أبي بكر أن يأتيهما بأخبار قريش، وهذا يدلّ على ما للشباب من أثر في نجاح الدعوات، فهم عِمادُ كل دعوة إصلاحيّة، وباندفاعهم للتّضحية والفداء تتقدّم الدعوات.
وهذا عامر بن فهيرة يرعى غنم أبي بكر نهاراً فإذا أمسى مرّ عليهما في الغار ليحتلبا ويذبحا، ثم سار بغنمه مُتتبّعاً آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر ليَمْحوها حتى لا يستدل المشركون على أي أثر يوصلهم إلى الغار. وأوعز رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إلى عليّ t أن يرتدي بُرْدَهُ الذي ينام فيه، وأن يتسجّى به على سريره. فنرى علياً الشابّ القويّ الإيمان، يستجيب لطلب رسول الله، ويفدي قائده بحياته.
وفي هجعة الليل وغفلة من الحرس الذين أحاطوا بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، انسلّ عليه الصّلاة والسّلام من بيته إلى دار أبي بكر، ثمّ خرجا إلى غار ثور الذي استودعته عناية الله مصير الرّسالة الخاتمة.
وانطلق مشركو مكة في آثار المهاجرين يرصدون الطّرق، حتى وصلوا قريباً من غار ثور، وأنصت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى أقدام المطاردين تخفق إلى جوارهم، فهمس أبو بكر يُحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. فقال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: "يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما". رواه البخاري ومسلم.
وقال تعالى: }إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن إنّ الله معنا. فأنزل الله سكينته عليه وأيَّدَهُ بجنودٍ لم تَرَوها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا. والله عزيز حكيم{. التوبة:40.
والجنود التي يُخذَل بها الباطل ويُنصر بها الحقّ ليست مقصورة على صورة خاصة من الخوارق. إنّها أعمّ من أن تكون مادّيّة أو معنويّة، وإذا كانت ماديّة فإنّ خطرها لا يتمثّل في ضخامتها، }وما يعلم جنود ربّك إلا هو{.المدثر:31.
مرّت ثلاث ليالٍ على مبيت رسول الله وصاحبه في الغار، وخَمَدت حماسة المشركين في الطلب. فتأهّب المهاجران لاستئناف رحلتهما الصّعبة. وجاء ابن أريقط في موعده ومعه الرّواحل، وسار الرّكب على اسم الله.
ومن الجدير ذكره أن سُراقة بن مالك هو الوحيد الذي استطاع أن يقترب من رسول الله وصاحبه في أثناء هجرتهما. إلا أن فرسه ألقته عنها مرات عدة. فعرف أنّه لن يستطيع الوصول إليهما، فطلب من الرسول الكريم أن يعفو عنه، وعرض عليه الزّاد والعون، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلمم: "عَمِّ عنا الطلب" فقال: قد كُفيتم، ثم رجع فوجد النّاس جادّين في البحث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فجعل لا يلقى أحداً من الطلب إلا ردّه... يا سبحان الله، أصبح أول النّهار جاهداً عليهما، وأمسى آخره حارساً لهما...
*الوصول إلى المدينة
وفي اليوم الثّاني عشر من ربيع الأول لثلاث عشرة سنة من البعثة، برز الأنصار على عادتهم، وفي حر الظهيرة وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. فأسرع الأنصار إلى السّلاح يستقبلون به رسولهم صلى الله عليه وسلم.
نزل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أول ما نزل بقُباء، في بيت عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة. أسس خلالها مسجد قُباء.
بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بناء المسجد لتظهر فيه شعائر الإسلام التي طالما حُورِبت، ولتُقام فيه الصّلوات التي تربط المرء بربّ العالمين، وتنقّي القلب من أدران الأرض. إنّ للمسجد في الإسلام دوراً كبيراً... فهو مدرسة للعلم يتخرّج فيها دعاة الإسلام، ومنه تُوجَّه الجيوش لتأديب المعتدين. وفيه أيضاً تُعقد مجالس الشّورى، وتبحث مشكلات المسلمين...
واشترك الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في حمل اللبِنات والأحجار على كاهله... وكانوا يُروِّحون عن أنفسهم عناء الحمل والنّقل والبناء بهذا النشيد:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة          فاغفر للأنصار والمهاجرة
وقد ضاعفت حماسة الصّحابة في العمل رؤيتُهم النبي صلى الله عليه وسلم يَجْهَدُ كأحدهم، ويكره أن يتميز منهم، فارتجز بعضهم هذا البيت:
لئن قعدنا والرسول يعمل             لذاك منا العمل المضلّل
وتم بناء المسجد في حدود البساطة: فراشه الرمال والحصباء، وسقفه الجريد، وأعمدته الجذوع.
هذا البناء المتواضع هو الذي ربّى ملائكة البشر، ومؤدبي الجبابرة، وملوكَ الدار الآخرة...
وحَرَصَ الأنصار على الحفاوة بإخوانهم المهاجرين، فما نزل مهاجري على أنصاري إلا بقُرعة (لشدّة تنافسهم في استقبالهم)!! وقدّر المهاجرون هذا البذل الخالص فما استغلّوه، ولا نالوا منه إلا بقدر ما يتوجّهون به إلى العمل الشّريف.
فما أحوجنا اليوم، نحن المسلمين، إلى استيعاب هذا الدرس في الأخوّة الإسلاميّة التي افتقدناها بسبب الأثَرة والشّحّ، فتمزّقنا شرَّ ممزّق، وأصبحنا فريسة عاجزة تُغري كل مُعتدٍ بالعدوان، وتشجّع كل طامع في استلابنا، ومن هانت عليه نفسه فهي على غيره أهون.
****
عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وَجَدَ بها يهوداً توطّنوا، ومشركين مستقرّين. فلم يتّجه فكره إلى رسم سياسة للإبعاد أو الخصام، بل قَبِلَ وجود اليهود والوثنيّة، وعرض على الفريقين أن يعاهدهم معاهدة الندّ للندّ، فسنّ بهذا الشأن قوانين السّماح والتّجاوز التي لم تُعهَد في عالم مليء بالتّعصّب والتّغالي.
لقد كانت كل بنود الوثيقة تنطق برغبة المسلمين في التعاون الخالص مع يهود المدينة لنشر السّكينة في ربوعها، والضرب على أيدي العادين، ومدبّري الفتن أيّا كان دينهم، وقد نصّت بوضوح على أن حق التديّن مكفولٌ لسائر الفرقاء.. بل تكاتفت العبارات في هذه المعاهدة على نصرة المظلوم، وحماية الجار، ورعاية الحقوق الخاصّة والعامّة.
أحكام الهجرة
الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام:
كانت الهجرة في أيام النبيّ صلى الله عليه وسلم من دار الحرب إلى دار الإسلام فرضاً، وفرضيّتها هذه باقية إلى يوم القيامة، والدليل على ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث كثيرة تدلّ على بقاء هذه الفرضيّة.
فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد –ورجاله ثقات- عن معاوية t. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".
بل إن حكم فرضيّة الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، قد جاء في القرآن الكريم نفسه في نحو قوله تعالى: }إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا: فيم كنتم؟ قالوا: كنا مُستضعَفين في الأرض. قالوا: ألم تكن أرض الله واسعة فتُهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيراً. إلا المُستضعَفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حِيلة ولا يهتدون سبيلاً. فأولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم وكان الله عفوّاً غفوراً{. سورة النّساء:97-99.
قال الزّمخشريّ: وهذا يدلّ على أن الرّجل إذا كان في بلد لا يتمكّن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب، لبعض الأسباب، وعلِم أنه في غير بلده أقوَمُ بحق الله، حقّت عليه الهجرة.
وقال الإمام الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى: }والذين آمنوا من بعدُ وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم{.سورة الأنفال:75. :" وقال الحسن: الهجرة غير منقطعة أبداً، وأما قوله عليه السّلام "لا هجرة بعد الفتح" فالمراد الهجرة المخصوصة. فإنها انقطعت بالفتح وبقوة الإسلام.
وأما حديث "لا هجرة بعد الفتح"، وحديث "إن الهجرة قد انقطعت" فهي الهجرة من مكة إلى المدينة، إذ بعد فتح مكة صارت دار إسلام، ولا معنى للهجرة منها.
على من تجب الهجرة؟
تجب الهجرة على من تحققت فيه صفتان: أولاهما القدرة على الهجرة، والأخرى: العجز عن إظهار دينه, والقيام بشعائر عبادته في أرض الكفر، فهذا تجب عليه الهجرة بدينه إلى الله ورسوله استعلاءً لعقيدته، وتمرداً على الضّعف والاستكانة، وطلباً للعزّة والحريّة والكرامة. فإذا هاجر فقد التزم بالشّرع الحنيف، وإذا لم يهاجر فقد تقاعس عن الإذعان للحقّ، ورضي بالمعيشة في دار لم يستطع فيها إظهار دينه مع قدرته على الهجرة منها. وفي هذا التّقاعس جاء النّعي والتّنديد في الآيات  من سورة النّساء.} إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا: فيم كنتم؟...{ولا تجب الهجرة باتفاق، ولا تستحبّ كذلك، على من فَقَدَ القدرة على الهجرة.
وهؤلاء هم المعنيّون بالاستثناء في قوله عزّ وجلّ: }إلا المُستضعَفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حِيلة ولا يهتدون سبيلاً{. فهؤلاء الذين لا يقْدرون فعلاً على المقاومة, لشيخوختهم، وكذلك النّساء والأطفال الذين لا يجدون وسيلة تخلّصهم مما هم فيه من القهر والذلّ، ولا يعرفون طريقاً يستطيعون سلوكه للنجاة، إمّا للضّعف أو المرض، وإمّا للفقر والجهل بمسالك الأرض، فهؤلاء يُرْجى أن يعفو الله عنهم، لأنه سبحانه وتعالى لا يكلّف نفساً إلا وسعها. انظر تفسير المنار: ج5، ص191.
أما من كان قادراً على الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام لكنه يمكنه إظهار دينه بها، فإن الهجرة في حقّه لا تجب، ولكن تُستحبّ.
قال صاحب المغْنِي:
"الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار.
الثّاني: من لا هجرة عليه، وهو من يعجِز عنها، إمّا لمرض أو إكراه على الإقامة، أو ضعف من النّساء والولدان وشبههم.
والثّالث: من تُستحبّ له ولا تجب عليه، وهو من يقدر عليها لكنه يتمكّن من إظهار دينه وإقامته في دار الكفر، فتُستحبّ له ليتمكّن من جهادهم وتكثير المسلمين ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم.
موالاة من لم يهاجر، مع قدرته على الهجرة
قال تعالى: }والذين آمنوا ولم يُهاجروا ما لكم من وَلايتهم من شيء حتى يُهاجِروا. وإن استنصروكم في الدّينِ فعليكمُ النَّصرُ إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ، والله بما تعملون بصير{.الأنفال:72.
أي الذين دخلوا في الدين الإسلاميّ عقيدةً، ولكنّهم لم يلتحقوا بالمجتمع المسلم فعلاً... ولم يهاجروا إلى دار الإسلام التي تحكمها شريعة الله، وتُدبِّر أمرَها القيادةُ المسلمة، ولم ينضمّوا إلى المجتمع المسلم الذي أصبح يملك داراً يقيم فيها شريعةَ الله، بالولاء للقيادة الجديدة والتّجمّع في تجمّع عضوي حركيّ، مستقلّ ومنفصل عن المجتمع الجاهليّ.
وُجِدَ هؤلاء في مكة، أو في الأعراب حول المدينة، يعتنقون العقيدة، ولكنهم لا ينضمّون للمجتمع الذي يقوم على هذه العقيدة، ولا يدينون فعلاً دينونةً كاملةً للقيادة القائمة عليه.
وهؤلاء لم يُعدُّوا أعضاء في المجتمع المسلم، ولم يجعل الله لهم ولاية كاملة مع هذا المجتمع. وهذا الحكم مفهوم ومنطقيّ مع طبيعة هذا الدين ومع منهجه الحركي الواقعيّ؛ فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاءً في المجتمع المسلم، ومن ثَمّ لا تكون بينهم وبينه ولاية. ولكن هناك رابطة العقيدة، وهذه لا ترتِّب – وحدها- على المجتمع المسلم تبعاتٍ تجاه هؤلاء الأفراد، اللهم إلا أن يُعتدى عليهم في دينهم، على شرط ألا يُخِلّ هذا بعهدٍ من عهود المسلمين مع معسكر آخر. ذلك أن الأصل هو مصلحة المجتمع المسلم. فهذه لها الرّعاية أولاً. هجرة أُخرى عامة تجب على كل أحد في كل أرض
وبعد أن تناولنا الهجرة الجسمانيّة التي تكون من بلد إلى بلد نتناول: هجرة أُخرى تعدّ أصلاً لهجرة الأجساد ألا وهي الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الهجرة يهاجر فيها المسلم بقلبه، من محبّة غير الله إلى محبّته، ومن عبوديّة غيره إلى عبوديّته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكّل عليه، إلى خوف الله ورجائه والتّوكّل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذلّ والاستكانة له... إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذلّ والاستكانة له.
 وهذا بعينه معنى الفرار إليه. قال تعالى: }ففرّوا إلى الله{. سورة الذّاريات:50.
والتّوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه.
والفرار إليه سبحانه يتضمّن إفراده بالطلب والتعبّد ولوازمهما، فهو متضمّن لتوحيد الإلهية التي اتّفقت عليها دعوة الرّسل الكرام.
وأما الفرار منه فهم متضمّن لتوحيد الربوبيّة وإثبات القدر، وأن كل ما في الكون من المكروه والمحذور الذي يفرّ منه العبد، فإنّما أوجبته مشيئة الله وحده، فإنّه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. فإذا فرّ العبد إلى الله فإنّما يفرّ من شيء إلى شيء وُجِد بمشيئة الله وقدره فهو في الحقيقة فارّ من الله إليه.
ولهذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "المُهاجِر من هَجَرَ ما نهى الله عنه". رواه البخاريّ. ولهذا يقرن الله سبحانه بين الإيمان والهجرة في غير موضع، لتلازمهما واقتضاء أحدهما للآخر.
والمقصود: أن الهجرة إلى الله تتضمّن هِجْران ما يكرهه، وإتيان ما يحبّه ويرضاه، وأصلها الحبّ والبغض، فإن المهاجر من شيء إلى شيء، لابدّ أن يكون ما هاجر إليه أحب مما هاجر منه، فيُؤثِر أحبَّ الأمرين إليه على الآخر.
اللهم تقبّل هجرة من هاجر إليك إليك، وثبّت منه الأقدام، وهيّئ له مُراغَماً كثيراً وسَعة، واكتب له الأجر العظيم.